كتب روي شوارتز، كبير المحررين في صحيفة هآرتس، أن شوارع تل أبيب بدت خالية صباح الاثنين، إلا من المارة المتجهين إلى أعمالهم أو من يسيرون كلابهم. حتى المقاهي الشهيرة بدت شبه فارغة. بدت المدينة كأنها تعيش يومًا مقدسًا، لا لأنه كذلك فعلًا، بل لأن آخر عشرين أسيرًا أحياء عادوا من أسر حماس. الآلاف احتشدوا في "ميدان الأسرى" في تل أبيب، فيما تابع آخرون المشهد عبر شاشاتهم بترقب يشبه نهائي كأس العالم. بدا الصمت هذه المرة مفعمًا بالفرح.

منذ توقيع اتفاق إنهاء الحرب، يعيش الإسرائيليون نشوة جماعية تشبه تأثير عقار مبهج. وجوه الناس في الشوارع تبتسم بلا سبب واضح، ومذيعو التلفزيون استبدلوا الجدية بملامح الفرح. أحد المراسلين قال: "اليوم يوم ابتسامتي"، فيما أظهرت الشاشات مشاهد مغايرة تمامًا — حافلات وصليب أحمر يعبران غزة وسط أنقاض المدن المدمرة. الحرب خلّفت وجهين متقابلين: فرحة استعادة الأسرى في إسرائيل، وكارثة إنسانية هائلة في غزة، وهذه المفارقة ستظل تطارد الطرفين في الأيام المقبلة.

بحسب الجارديان، تتجه الأنظار الآن إلى شرم الشيخ في مصر، حيث يُعقد مؤتمر القادة بشأن مستقبل غزة وإعادة إعمارها. من المتوقع أن تحدد القمة ملامح كيان دولي جديد لإدارة القطاع، وربما قوة أمنية تشرف على استقراره. التقارير الإسرائيلية تحدثت بالفعل عن عودة حماس إلى فرض "نظامها الخاص" في غزة، مما يجعل الحاجة إلى ترتيبات أمنية عاجلة أكثر إلحاحًا.

قبل ساعات من بدء القمة، أعلنت القاهرة توجيه دعوة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رغم تردده في إنهاء الحرب منذ بدايتها. بدا ذلك محاولة لربطه بمسؤولية ما بعد الحرب. لكن بعد وقت قصير، أعلن مكتبه اعتذاره عن الحضور بسبب قرب حلول العيد اليهودي. هذا الغياب، كما يرى شوارتز، يعكس التوتر بين رغبة العالم في المضي نحو السلام وتمسك نتنياهو بخطاب القوة.

دونالد ترامب، الذي نسّق القمة بنفسه، أكد في خطابه أمام الكنيست أن إسرائيل "حققت النصر بالسلاح، والآن وقت ترجمة الانتصار إلى سلام وازدهار في الشرق الأوسط". زيارته تتزامن مع وصول رئيس إندونيسيا، رغم غياب علاقات دبلوماسية بين البلدين، مما يشير إلى احتمال ولادة "اتفاق سلام جديد". لكن الأسئلة الأصعب تظل بلا إجابة: أين يقف الفلسطينيون من هذه الرؤية؟ وهل يقترب حلم الدولة المستقلة فعلًا؟ أم أن السلام الموعود لا يزال بعيد المنال؟

الاحتفالات في ميدان الأسرى أظهرت لحظة رمزية أخرى حين حاول مبعوث ترامب، ستيف ويتكوف، الإشادة بنتنياهو، فقوبل اسمه بصيحات استهجان متكررة. بدا واضحًا أن الشارع الإسرائيلي يرى في ترامب المنقذ الحقيقي، لا حكومته في القدس. هذه المفارقة السياسية، كما يخلص شوارتز، تكشف أن مركز القرار الإسرائيلي بات أقرب إلى واشنطن منه إلى تل أبيب.

لكن ترامب، الذي يحب الأضواء ويملّها سريعًا، قد لا يبقى منشغلًا بالشرق الأوسط طويلًا. قد يوجّه اهتمامه نحو أوكرانيا، أو ملف الهجرة، أو معاركه الداخلية في الولايات المتحدة. وعندما يتحول اهتمامه بعيدًا، سيواجه العالم سؤالًا جديدًا: من سيحافظ على هذا السلام الهش؟ فالحرب ربما انتهت، لكن معركة الاستقرار بدأت للتو.

https://www.theguardian.com/commentisfree/2025/oct/13/gaza-war-donald-trump-peace-israel-benjamin-netanyahu-hostages